((رائحة الشمس ))
ما نحن ــ الرجال ــ إلا أطفال أمهاتنا مهما كبرنا أو استطلنا تظل أمهاتنا
حاملات أسرار لمعجزات نظل نرتجيها ، ولقد كانت معجزة أمي إنها تخبئ بعضا من الشمس في ثيابنا المغسولة
سأظل أتذكر إنها كانت تجمع الغسيل بعد جفافه عندما تبدأ الشمس
رحلة هبوطها بعد العصر ، وعلى الكنبة التي بركن الصالة ترتفع
كومة الثياب النظيفة . وفي هذه الكومة كنت ألقي بنفسي لأغرق
في رائحة الشمس ، فلقد كانت الثياب النظيفة تلك تمنح أنفاسي
رائحة لم تكن في وعيي غير رائحة الشمس .
راحت كومة الثياب عن كنبة الصالة . غابت إلى الأبد ، وكبرت
أنا إلى حد انه حتى لو ظلت الكومة ما كنت استطيع أن القي
بنفسي فيها .
وكل ما أستطيعه الآن هو ، أن أوصي زوجتي بألا تجمع الغسيل
المنشور إلا بعد العصر . بزعم إنني أساعدها في جمع الغسيل ،
التقط قطعة منه وأغرق وجهي فيها .
تضحك زوجتي قائلة (( كف عن الوسوسة )) تحسبني أتشمم
الغسيل لأتيقن من نظافته ، فهي لا تعرف أنني ابحث عن معجزة
من كانت تخبئ بعضا من الشمس في ثيابنا ...
أبحث عن عطر أمي